غيول» اليمن تموت استنزاÙاً
عمر الØيان
المصدر أونلاين – الØياة
January 5, 2012
تعدّ الأنهار، أو الغيول كما يسميها اليمنيون، الشرايين الØيوية للموارد المائية ÙÙŠ اليمن، Ùأرض اليمن هبة الغيول، مثلما مصر هبة النيل. ومنذ آلا٠السنين اعتمدت الØضارات اليمنية المتعاقبة على جريان الغيول ÙÙŠ الأودية، وعلى ضÙاÙها شيّد الإنسان اليمني Øضارته وأقام جنات سبأ ومعين.
ومقارنة بشبه الجزيرة العربية، أضÙت الطبيعة الجبلية وكمية المتساقطات والمدرجات الخضراء طوال العام جمالاً وغنى على اليمن، ما جعل الأوروبيين يطلقون عليها لقب الأرض السعيدة. لكن الوضع اليوم مختلÙØŒ إذ تربض العاصمة صنعاء Ùوق Øوضها المائي المهدد بالنضوب سنة 2025ØŒ ÙˆÙقاً لدراسة أجراها مشروع إدارة Øوض صنعاء، Ù„ØªØµØ¨Ø Ø£ÙˆÙ„ عاصمة ÙÙŠ العالم بلا مياه ربما بØلول سنة 2017.
مدينة صنعاء، الواقعة على ارتÙاع 2150 متراً Ùوق Ø³Ø·Ø Ø§Ù„Ø¨Øر، والمتربعة على قاع منبسط تØيط به الجبال من كل الجهات، كانت قبل أربعين عاماً منبعاً للغيول التي يعتمد عليها السكان ÙÙŠ الشرب والزراعة، ولعلّ أشهرها الغيل الأسود الذي ينبع من شمال صنعاء.
تغيّرت Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø§Ù„Ù…Ø¯ÙŠÙ†Ø©ØŒ واندثرت الأراضي الزراعية تØت مباني الأسمنت المتمددة ÙÙŠ كل الاتجاهات، مع ارتÙاع عدد سكانها إلى Ù†ØÙˆ مليون وخمسمائة أل٠نسمة، يعتمدون على الآبار الجوÙية للØصول على مياه للشرب وللأعمال الإنشائية والصناعية والزراعية. وقد Ø£ØµØ¨Ø ÙÙŠ سجلات أمانة العاصمة Ù†ØÙˆ 16 أل٠بئر، بعمق بات يتجاوز 1000 متر.
ÙŠØكي الØاج Øسين علي، من أهالي صنعاء، أنها كانت تعتمد على الغيول والآبار اليدوية التي لا يتجاوز عمقها عشرة أمتار. ÙˆÙŠØ´Ø±Ø Ø¨Øسرة كي٠جÙت آبار صنعاء القديمة بعد «مشروع السائلة»، الذي رص٠مجرى السيول وسط العاصمة.
ØÙر عشوائي للآبار
تتوزع الغيول ÙÙŠ اليمن ÙÙŠ اتجاهين: اتجاه يصب ÙÙŠ البØر الأØمر وأشهر أوديته وادي مور وزبيد، وأودية تتجه شرقاً وجنوباً وتصب ÙÙŠ بØر العرب، وأشهرها وادي بناء وتبن وغيل باوزير.
ويقدّر إجمالي الموارد المائية المتجدّدة سنوياً ÙÙŠ اليمن بنØÙˆ 2.5 بليون متر مكعّب، Øسب بيانات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة للتخÙي٠من الÙقر 2011ØŒ منها Ù†ØÙˆ 1.5 بليون متر مكعّب مياه جوÙية وبليون متر مكعّب مياه سطØية. وتقدّر المياه المستخدمة بنØÙˆ 3.4 بليون متر مكعّب سنوياً، ما يدلّ على Ùجوة بين ما هو Ù…ØªØ§Ø ÙˆÙ…Ø§ يستخدم Ùعلياً بنØÙˆ 900 مليون متر مكعّب.
ووÙقاً لعدد السكان، Ùإن نصيب الÙرد الواØد لا يتجاوز 150 متراً مكعّباً ÙÙŠ السنة. ويعدّ الضخ الجائر للمياه الجوÙية من أهم عوامل الاستنزاÙØŒ وإن بدرجات متÙاوتة بين الأØواض المائية، Øيث يتعرّض بعضها Ù„Ø§Ø³ØªÙ†Ø²Ø§Ù ÙŠØªØ±Ø§ÙˆØ Ø¨ÙŠÙ† 250 Ùˆ400 ÙÙŠ المئة من معدل التجدد. ويقدّر أن هناك Ù†ØÙˆ 45 أل٠بئر خاصة ÙÙŠ البلاد ونØÙˆ 200 منصّة ØÙر.
وتعتمد هذه الغيول على وجود قيعان، أي أراض منبسطة ÙÙŠ منابعها، ØªØ³Ù…Ø Ø¨ØªØ¯ÙÙ‚ المياه طوال السنة. لكن التوجه الØالي Ù†ØÙˆ ØÙر الآبار الجوÙية ÙÙŠ منابع الغيول سبّب جÙاÙها ÙˆÙقدان السكان الذين يعيشون على أطرا٠الوديان مصدر دخلهم الوØيد من الزراعة التي تعتمد على جريان الغيول.
Ø£ÙˆØ¶Ø Ø§Ù„Ø¯ÙƒØªÙˆØ± ناي٠أبو Ù„Øوم، الباØØ« ÙÙŠ مركز المياه والبيئة ÙÙŠ جامعة صنعاء، أن «أهم سبب لجÙا٠الغيول ÙÙŠ اليمن هو الØÙر العشوائي للآبار ÙÙŠ الأØواض المائية، إلى جانب الاستخدام المÙرط للمياه ÙÙŠ الزراعة، خصوصاً لري أشجار القات، التي يمضغ اليمنيون أوراقها، وهي تأخذ النصيب الأكبر من هذا الاستنزا٠من دون أي مردود اقتصادي». وتابع أن سقوط الأمطار وانجرا٠التربة ÙÙŠ المدرّجات الزراعية، التي كانت تمثل خزانات تغذية، أدى إلى تصØرها وانعدام الغطاء النباتي، ما ساهم ÙÙŠ Ø´ØÙ‘ الغيول.
كذلك عزا Ù…Ùيد الØالمي، الوكيل المساعد لوزارة المياه والبيئة اليمنية، انØسار الغيول إلى «ØÙر الآبار الجوÙية بصورة عشوائية على الأØواض المائية والقيعان، الى جانب عامل التصØر وانØسار الغطاء النباتي».
وتعتبر هذه الأودية، التي تكونت طبيعياً عبر العصور كمجار طبيعية لسيول الأمطار الهاطلة على سلسلة المرتÙعات الجبلية الوسطى والغربية، من أخصب الأودية الزراعية ÙÙŠ اليمن. وتمتاز بخصب أراضيها وجودتها العالية وقابليتها لإنتاج مختل٠المØاصيل الزراعية. كما تعتبر الغيول التي تمر Ùيها المصدر الرئيسي لري المزروعات.
غيل وادي بناء، الذي ينبع من المنطقة الوسطى ÙÙŠ اليمن ÙÙŠ Ù…ØاÙظة أب ويصب ÙÙŠ خليج عدن ويعد الأكثر غزارة بالمياه، يعاني هو الآخر من انخÙاض منسوب المياه الجارية. Ùقاع الØقل، المخزن الرئيسي لمياهه، انتشرت Ùيه الآبار الجوÙية بشكل لاÙت. ومثله غيل الرقة ÙÙŠ وادي Øضر، الذي يبعد عن وادي بناء Ù†ØÙˆ 50 كيلومتراً، Ùهو يعاني الجÙا٠طوال أيام السنة بعدما كان دائم الجريان، ويعتمد عليه السكان ÙÙŠ الزراعة وتغذية الآبار الجوÙية.
يشكو المزارع Ù…Øمد Ø£Øمد الØداد بمرارة كي٠أن «الغيل ÙÙŠ وادي Øضر كان يكÙÙŠ طوال أيام السنة للزراعة، والآن لم يعد يجري سوى ÙÙŠ موسم الأمطار. ونعتمد ÙÙŠ بقية الأشهر على الآبار التي تواجه نقصاً ÙÙŠ الضخ كلما قلت الأمطار». ويعتبر أن «كل ذلك يعود إلى ØÙر الآبار الجوÙية ÙÙŠ منبع الغيل، وهو ما سبّب كارثة للسكان على طول الوادي، سواء ÙÙŠ مياه الشرب أو مياه الري».
تلوث الموارد المائية
لم تقتصر مشكلة الغيول على الاستنزاÙØŒ Ùالتلوث أسر٠ÙÙŠ تدميرها، وأصبØت بعض مجاريها مصبات لمياه الصر٠الصØÙŠØŒ وهذا ÙÙŠ ذاته كارثة.
ويØذر الدكتور أبو Ù„Øوم من أن «تلوث الغيول بمياه الصر٠الصØÙŠ أو من المنشآت المبنية Øولها ÙÙŠ المدن والقيعان يمثل خطراً عليها وعلى البيئة والإنسان».
الخطر الأكبر الذي يهدّد مستقبل اليمن هو نقص المياه، وهو ما أقرّت به الØكومة ÙÙŠ خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة للتخÙي٠من الÙقر 2011ØŒ التي كشÙت Ùشل الإصلاØات المؤسسية للقطاع منذ العام 1996. ويواجه قطاع المياه ÙÙŠ اليمن مشاكل كبيرة ÙÙŠ التمويل ÙˆØ´Ø Ø§Ù„Ù…ÙˆØ§Ø±Ø¯ وارتÙاع معدل التلوث ÙˆØدوث الÙيضانات وطول Ùترات الجÙاÙØŒ إضاÙØ© إلى Ùشل الإدارة المائية وعدم وجود وعي سكاني لأهمية ترشيد المياه.
غيول اليمن جزء مهم من مواردها المائيـة، ويعتـــبر جـــÙاÙــها نذير خطر مبكر لمستوى استــنزا٠المياه وما ÙŠØمله من انعكاسات خطيرة على مستقبل البلد وسلمه الاجتماعي.